"كلما كان أعلى كان أكثر تشويقاً ومتعة"

يكتب توبياس ريندر عن السعادة في قهر جبل عال بالدراجة




من يحب الترحال –لا يهمه أي شيء سوف يركبه ، من يحب أن يشعر بالرياح و الشمس ، من يحب أن يستنشق نسيم البحر و يستمتع بمطر الصيف الدافئ على جلده بإحساس مبهج مدغدغ، من يحلم بشوارع خالية و شواطئ ممتدة ، من يريد ألا يقحم حلقه في أنابيب عادم السيارات على كل ناصية شارع – هذا هو من يفهم ما الذي يدفع راكبي الدراجات في تحمل ما يكابدونه من تعب ، ما الذي يدفع راكب الدراجة لأن ينهك قواه في حرارة الشمس، بينما يستمتع الاخرون في حمام سباحة مكشوف أو يأكلون أيس كريم لذيذ في الظل.

أرداف مرتفعة –لا يهم!

إن راكبي الدراجات الذين تظهر حريتهم أول ما تظهر في قوة عضلات سيقانهم و في نزلة أقدامهم بقوة على البدال – هؤلاء لا يشغلون أنفسهم بالاهتمام بمظهرهم ، فلا يهمهم ما إذا كانت أردافهم قد ارتفعت بسبب ممارستهم للرياضة أو أن نصفهم العلوي قد أصبح ممتلئاً بعضلات قوية و أن ذلك سيؤثر على نظرة الجنس الآخر لهم . فهم يبذلون جهداً من أجل إرضاء رغبات ذاتية بحتة؛ ألا و هي إدمان الشعور بتلك السعادة التي تتحقق عند بلوغ المرء القمة بعد أن يقطع رحله صعود قاسية لكيلومترات طويلة. فهواة ركوب الدرجات في أوقات الفراغ الذين يتجهون بها أيام الأحد للمساحات الخضراء أحياناً لقضاء يوماً جميلاً في الطبيعة تطل من أعينهم نظرة ضجر واستياء عندما يقررون الصعود على سفح جبل عالٍ إلى حد ما قبل الحصول على الراحة التي يتمنونها. فركوب الدراجات بهدف الاستمتاع بالطبيعة أصبح رحلة غير مرغوب فيها كما قد ضاع الشعور بالسعادة في الطبيعة سريعاً إثر ذلك. لكن هذا ليس هو الحال لدى عشاق ركوب الدراجات.

العيون تلمع و الأدرينالين يحفز باستمرار للأمام

إن راكبي الدراجات أولئك لا يقومون أيام السبت بتنظيف سياراتهم ككثير من الألمان و لكنهم يهتمون بدراجاتهم و يظلون يلمعونها و ينظفونها بالساعات حتى تلمع و تبرق من النظافة. حينئذ يتجهون بها " إلى الجبل"؛ فيقطعون بها 10 كيلومترات كي يصلوا إلى أعلى نقطة في الممر الجبلي، ثم يصعدون بزاوية ارتفاع 10 % - 15% - "لا ضير في هذا " - أو حتى يصعدون بزاوية 18% - " كان ذلك أفضل"." فكلما كان أعلى كان أكثر تشويقاً و متعة" كما هو شعارهم ، فالعيون تلمع و الأدرينالين يحفزهم باستمرار للأمام .


بضعة كيلومترات قد قُطعت بالفعل و السرعة ليست بالبطيئة على الإطلاق و الوجنتين متوردتين، فالارتفاع الذي يجب الوصول إليه هائل حقا.ً أي شخص آخر كان ليقلل من سرعته قبل أن يصعد إلى هذا الحد و ربما كان ليقوم باستراحة قصيرة لالتقاط الأنفاس أو كان لينزل فوراً من على دراجته و يسحبها بجواره لأعلى الجبل و لكن ما الذي نفعله نحن المجانين؟ ندوس بكل قوتنا على البدال! ابتسامة عريضة من العزم ارتسمت على وجوهنا و الأصابع تزداد قبضتها على الجادون و بكل إصرار ننطلق و نصبح أكثر سرعة مادمنا نرتفع ثم تثبت السرعة متراً فمتراً

الإحساس" بأنني قد صعدت إلى هنا"!

لا يهم طول المسافة أو الارتفاع، فكلما صعد المرء ازدادت سعادته. هل هذا حال مدمن عقاقير تستوستيرون أو مدمن للأدرينالين؟ لا ليس كأحد من هؤلاء. فمن لديه نقطة الضعف هذه من راكبي الدراجات يسمى "مدمن جبال". لا يوجد شيء أجمل من أن يقف المرء بعد نجاحه في صعود هضبة أو قمة جبل ثم يجول بنظره عبر الوادي و يفخر بنفسه قائلاً " لقد صعدت إلى هنا! لقد فعلتها!" إن الناس الذين ينزلون من سياراتهم بتراخي في مكان ركن السيارات بالجوار و يتحدثون فيما بينهم كيف أن المكان هنا رائعٌ حقاً و أن الطاولة المحجوزة للغداء في المطعم التي في انتظارنا ليست بعيدة عن هنا – هؤلاء لا يجدون منا سوى نظرة بلهاء لا تفهم ما يقصدون! ثم يقفز المرء مرة أخرى فوق "حماره الأنيق ذي الأسلاك " ( الدراجة) منطلقاً به إلى أسفل و مقوساً ظهره في أثناء اندفاعه نحو الوادي. و تصفر الرياح في الآذان و السرعة تطلق في النفس شعوراً بالسعادة من جديد، شعوراً يسري في الجسد و يدغدغه كلية. سعادة تشبه تلك التي شعر بها في أثناء صعود الجبل -غير أنها تشبهها فحسب.

مع تحياتي evil-sasuke